نشاهد، اليوم، صورة مهمة لا أعرف من التقطها، لكنها معبرة بقوة، إنها صورة لمكتبة سمير منصور فى قطاع غزة التى دمرها جيش الاحتلال الإسرئيلى، ولكن بقيت بعض الكتب منها “عائد إلى حيفا” للكاتب الفلسطينى الشهير “غسان كنفانى” الذى ولد فى سنة 1936 واغتاله المحتلون فى سنة 1972.
تقول لنا هذه الصورة إنه رغم المعاناة فإن الأمور سوف تعرف طريقها للعدالة ذات يوم، ورواية “عائد إلى حيفا” صدرت طبعتها الأولى فى عام 1969، وترجمت إلى العديد من اللغات، وفى الرواية يرسم غسان كنفانى الوعى الجديد الذى بدأ يتبلور بعد نكبة 1948، الرواية محاكمة للذات من خلال إعادة النظر فى مفهوم العودة ومفهوم الوطن، فسعيد وزوجته صفية العائدان إلى مدينتهما حيفا التى تركا فيها طفلهما منذ عشرين سنة تحت ضغط الحرب يكتشفان أن “الإنسان فى نهاية المطاف قضية”، وأن فلسطين ليست استعادة ذكريات، بل هى صناعة للمستقبل.
يحكى غسان كنفانى فى الرواية كيف تركت الأم “صفية ” ابنها “خلدون” بسبب هجوم العصابات الصهيونية عليهم، حيث تركته في سريره داخل المنزل في حي الحليصة، وخرجت تبحث عن زوجها سعيد، وبعد أن عثرت عليه لم تتمكّن من العودة إلى المنزل لأخذ خلدون؛ بسبب إغلاق الطرق وتدافع النّاس للهرب.
وعلى مدى أكثر من عشرين عاما يحاول سعيد وزوجته العودة بحثا عن الطفل، وعندما يتمكنون تكون فى انتزارهم مفاجأة كبرى، فبعد وصولهما إلى منزلهما واكتشاف الحقيقة المُرّة، وهى أن عائلة يهودية استولت على منزلهما وابنهما، وتغيّر اسم الطفل من خلدون إلى دوف، وهنا مفارقة جديدة في أحداث الرواية فصفية تبحث عن خلدون الذي لم يعد له وجود، بل وجدت دوف الذي حمل كمية من الحقد والكراهية لوالديه ووطنه فلسطين. بالعودة إلى اللاجئين في الوقت الحاضر، هل ستنكرهم مدنهم وقراهم وبقايا منازلهم عند عودتهم لها أم ستتذكر أنهم كانوا موجودين فى يوم ما؟
مصدر الخبر