وافتتح الدكتور أحمد زايد الجلسة مستعرضًا أهداف ومنهجية الدراسة وما بعدها وما يستتبعها من سياسات تحرك، مؤكدًا أهمية الدراسات الاجتماعية لما لها من دور في تشكيل المستقبل، فهي تكتسب أهميتها من الاعتماد على خبراء من المتخصصين على درجة عالية من الكفاءة، بالإضافة إلى الالتزام بمعايير الدقة العلمية في الدراسات.
وأكد “زايد” أهمية الدراسة لكونها استشرافية تهدف إلى إعداد الأطفال لاستقبال العصر الرقمي، والتي تجدد الأمل في أن يشارك الأطفال في رسم المستقبل في ظل هذا الزخم الكبير الذي يحدث في عالم التكنولوجيا.
واستعرض المهندس محمد رضا فوزي الأهداف التي يعمل في إطارها المجلس العربي للطفولة والتنمية، ومن بينها مشروع هام عن تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة، متحدثًا عن دراسة “جاهزية الأطفال في عصر الثورة الصناعية الرابعة” التي تهدف إلى تمكين الأطفال والشباب وتدريبهم على المهارات والقدرات اللازمة للحياة.
وأوضح الدكتور حسن البيلاوي أن الدراسة تهدف إلى التعامل مع مقتضيات التطور العالمي بشكل علمي، وهي أول دراسة عربية استشرافية، وتأتي ردًا على الدراسة التي أجرتها إسرائيل عن الشباب “جيل z” في إسرائيل والعرب بالداخل وكذلك الشباب في تسع دول عربية، ووصلوا إلى نتيجة أن شبابهم هم الأفضل ومن ينافسهم فلسطيني الداخل.
وأشار الدكتور حسن البيلاوي، إلى أن الأجيال الحالية والمستقبلية تواجه ثورة كونية تتداخل فيها عدد من الثروات الصناعية المتراكمة وليس الثورة الصناعية الرابعة فقط، مستعرضًا عددا من الدراسات لعلماء الاجتماع حول هذه التأثيرات على التربية، ومشيرًا إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي على التربية لم يظهر بعد.
وقالت الدكتورة نجوى غريس إن التحولات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة أدت إلى زيادة الاهتمام بالمهارات التي يحتاجها النشء في السنوات الأخيرة؛ ومن بينها مهارات التعلم مدى الحياة والتي تتضمن التفكير النقدي والتفكير الإبداعي والقدرة على حل المشكلات والمهارات التكنولوجية، بالإضافة إلى المهارات الشخصية والاجتماعية والتي تتضمن الذكاء الانفعالي والذكاء الاجتماعي والتفكير الحداثي.
واستكمل الدكتور هاني تركي الحديث حول إجراءات الدراسة الميدانية والتي تمت في دولتي مصر والمغرب فقط لصعوبة إجراء الاستبيانات داخل المجتمعات العربية بسبب غياب هذه الثقافة، مستعرضًا أهم استنتاجات الدراسة منها ضعف الجاهزية للتعامل مع مقتضيات عصر الثورة الصناعية الرابعة، وعمق الفجوة بين بين مستوى المهارات، عدم نجاح نظم التنشئة الاجتماعية الحالية، وضعف التنمية الفكرية والثقافية القائمة على نظرة شمولية لمواصفات مواطن الغد بأبعادها المختلفة.
كما عقدت جلسة تالية تحت عنوان “تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة بين الواقع والمستقبل” أدارها الإعلامي إميل أمين، والإعلامية أمينة خيري، بمشاركة الدكتور يسري الجمل؛ وزير التربية والتعليم الأسبق – مصر، الدكتور جيفارا البحيري؛ خبير في مجال الذكاء الاصطناعي – مصر، الدكتور سامي نصار؛ عميد كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية – جامعة بدر – مصر، الدكتور عادل عبد الغفار؛ رئيس الأكاديمية الدولية للهندسة وعلوم الإعلام – مصر، الدكتور أحمد أوزي؛ أستاذ علم النفس وعلوم التربية – جامعة محمد الخامس – المغرب، الدكتور عبد الله الخياري؛ أستاذ سوسيولوجية التربية – جامعة محمد الخامس – المغرب.
قال الدكتور يسري الجمل إنه لأول مرة يكون الذكاء الاصطناعي متاح أمام الجميع دون الحاجة لمعرفة مهارات البرمجة أو لغة محددة، وهو ينقسم إلى ذكاء اصطناعي ضيق النطاق مثل الروبوت، وذكاء اصطناعي توليدي مثل “شات جي بي تي” الذي نجح في جمع 100 مليون مشترك في شهرين فقط، وتوالت المنصات حتى وصل عددها إلى 10 منصات حتى الآن.
وأكد “الجمل” أن استخدامات الذكاء الاصطناعي أثرت على جميع النشاطات البشرية ومن بينها التعليم، حيث يساعد المعلم في أن يكون المحتوى جذاب بشكل أكبر، وتحسين جودة التعليم والتعلم، ولابد من مساعدة الطلاب على تعلم كيفية استخدامه بحكم وفهم قواعدها وقيودها، مشددًا على الحاجة إلى وجود ميثاق وطني للتعامل الأخلاقي مع الذكاء الاصطناعي.
وقال الدكتور جيفارا البحيري إن من يقود ثورة الذكاء الاصطناعي هي شركات وليس حكومات، وهو ما قد يمثل خطرًا في المستقبل، لتحقيق حالة من التوازن والعدل والحيادية ووضع قانون حاكم، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي منذ ثلاث شهور سجل في اختبار الذكاء 150 درجة، وهو ما يقارب عقل اينشتاين الذي يعد هو النموذج الذي يقاس عليه الذكاء البشري.
وأضاف “البحيري” أن هذه النتيجة تعني أن الذكاء الاصطناعي أذكي من كثير من البشر، بجانب قوته الجسمانية التي تفوق أغلب البشر، وأضيف إلى ذلك وجود مشاعر لدى البعض منها، وهو ما يشير إلى وجود خطر وجودي حقيقي على البشرية.
فما قال الدكتور سامي نصار إن المستقبل ليس بعيد عن البشرية فهو واقع يعاش ويحيط بها من كل جانب، ويفرض على البشرية التعامل مع هذا المستقبل، مشددًا على أن الذات الإنسانية الاجتماعية بدأت تتلاشى وأصبحت رقمية، وهو ما سوف يحول المجتمع إلى ما بعد الإنسانية، لذلك لابد من مراجعة نسق القيم الذي يعاش للتعامل مع الذكاء الاصطناعي.
وأشار “نصار” إلى أنه أصبح هناك العديد من المنصات التعليمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والوطن العربي يواجه تحديات في الانتقال إلى العصر الرقمي في التعليم، إذ مازال يتم التلقين مقابل الحوار، والتقليد في مقابل الحداثة، والمركزية في مقابل اللامركزية، بالإضافة إلى وجود فجوة رقمية.
وأبدى الدكتور عادل عبد الغفار تعجبه من شعور القلق والخوف في المجتمعات العربية أكثر من الدول الغربية، والسبب في ذلك أن المساهمة في حجم الابتكارات ضعيف للغاية، كما أن المجتمع العربي لم يجهز نفسه بعد للمشاركة بل مجرد رد فعل لما يحدث، محذرًا أنه لو لم ينتقل التعليم من تلقين المعلومات إلى الإبداع خلال 10 سنوات، لن نستطيع التكيف.
وأشاد الدكتور أحمد أوزي بالدراسة العلمية التي تظهر أهميتها من حيث موضوعها وأهدافها وأدوات الدراسة فيها، وتشكل نبراس علمي يفيد الباحثين ويوجه أصحاب القرار، خاصة أن دائرة اهتمام الدراسة توسعت للتصدي لكل المعوقات البيئية التي تعين التمكين للطفل العربي.
وأكد الدكتور عبد الله الخياري على ضرورة أن تنقل استراتيجيات التحرك العربي هذه الدراسة إلى الواقع الميداني، موضحًا أن اتساع الفجوة المعرفية بين واقع المكتسبات الحالي وبين ما هو منشود من تطورات من الثورة الصناعية والتحول الرقمي تجعل عملية تمكين الطفل العربي هي معقدة، وتحتاج إلى ثلاث مراحل هي إرادة التغيير وإدارة التغيير، والمحطة الأهم بينهما وجود بناء استراتيجي على أسس جديدة.
مصدر الخبر